الشفافية وسيلة ناجحة للقضاء على الفساد
لم أتعود أن أمسح جوخ من هو أعلى مني، وفي موقع المسؤولية، ولست ممن يحب التسلق، ولكن كغيري لا أحب الفشل، ولم أكن لأسكت عندما أرى أنفسنا ألعوبة في يد الذين لديهم تصفية حسابات شخصية من خلال محاولة اتهام بعض الناس بدون أصول وإثباتات.
ما يجعلني أكتب في هذا الموضوع ليس من أجل الحصول على مكسب من أحد، لكنني أكتب لأنني أحمل هماً، وحزناً لا أقدر عليه؛ ومما علق في ذهني منذ أن كنت طفلاً أسمع لأجدادي:" إذا وقع الجمل تكثر السكاكين"، ولكن الجملة استوقفتني، فكلنا نمثل الجمل؛ فأقول :" إذا أوقعوا الجمل كثرت السكاكين" لكن أي جَمل ذلك الإنسان؟ هل كل الجمال إذا وقعت يحصل لها نفس الشيء؛ فمثلاً لو كان ذلك الإنسان جملاً، وله سند أي واسطة. هل ستكثر السكاكين؟ أم سيحاول الجميع رفعه والتمسح به. ولأنني لم أجد عملاً دفعني إلى كتابة هذا المقال، فمن كنت أحبهم باعونى وجرَّحوني، وهكذا الشاعر خليل حاوي، انتحر أبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982م، إلا أنني أختلف عنه، فلم انتحر بعد؛ ورغم عدم الوضوح في سبب انتحاره، إلا أنه كان يعاني من النفاق، والكذب الذي ساد قسمه في الجامعة، وكذلك القاص المصري محمد رجائي عليش، الذي كتب قبيل انتحاره " عشت هذه السنين الطويلة، وأنا أحلم بالانتقام من أفراد المجتمع الذين أفلحوا في أن يجعلوني أكفر بكل شيء! ستعود بي الذاكرة إلى أيام الدراسة الابتدائية عندما كنت أسمع كلمة فساد، ولا أعرف ما المقصود بها، إلا كما كان متعارف عليه أن الفساد هو الفتنة..... والفتنة أشد من القتل.. وعندما كبرت اتجه نظري إلى مفاهيم أخرى للفساد.....وبدرجات متفاوتة.. ومنها الفساد المالي...وظننت وقتها أن الفساد يعني المالي فقط، إلا أن حقيقة الأمر أن الفساد لا يقصد به المالي؛ فالمعاني عديدة ومختلفة، فغياب العدالة يندرج تحت مفهوم الفساد، فهو ليس مشكلة عابرة، بل هو آفة اجتماعية، ووباء معدي، وليس من باب المبالغة إذا قلت: إن هناك مافيات متخصصة في الفساد؛ فمثلاً ماذا نقول في طالب تخرج منذ خمس سنوات، وهو عاطل عن العمل حتى اللحظة؟ وما قيمة مؤهله العلمي إذا كان هو كذلك، ومن يقوم بتزويره يحصل على أهم الوظائف، وبالتعبير القروي أتساءل: أين المفر، بحق الله أخبروني .. ؟!
فالصورة ليست وردية إذن، وما نشاهده، ونسمع عنه من فتح لملفات فساد في فلسطين، وغيرها من دول العالم هو في الغالب فساداً مالياً.. ولنقل إدارياً أيضاً.. بل ليس الفساد حكرا على المال، والإدارة، فللفساد مسميات أخرى منها الفساد الاجتماعي والسلوكي، وعندما تدخل الواسطة بمعنى أن يكون لك شخص متنفذ؛ فإن ذلك يعد فساداً، وهو بمثابة فيتامين (واو) أصبح ضرورياً في حياتنا، وهناك الكثير من الشواهد الحية، والأمثلة الكثيرة في مجتمعنا لما يعيشه من فساد.... ولسنا بحاجة لنقرأ عن عمليات فساد سواء أصغرت أم كبرت، بل تبين دينارنا من درهمنا، وينسحب في هذا الموضوع من يتهم الناس بدون وجود قرائن وأدلة، وإنما بناءً على تصفية حسابات شخصية، وتهم كيدية......... متناسين حجم الأذى النفسي، الذي يتحمله المتهم طيلة الوقت، ثم يصرح الكبار تصريحات حفظناها عن ظهر قلب إن حملة مكافحة الفساد مستمرة. وعن أي معنى من معاني الفساد يتحدثون؟ وكثيراً ما تقدم قرابين تكون للأسف الحلقات الأضعف في المجتمع. والحالة هذه شبيهة بعملية تقديم القرابين أيام الفراعنة التي كان معظمها من فقراء المصريين!!.
كان عليَّ أن أنتبه لقول والدي – رحمه الله-:" وكـل الناس إلنا في وسعنا، وعند الضيق ما لقينا صحاب"، وكذلك:" وين العدل والإحسان؟" لكنني تخيلت أنني متعلم ووالدي أميّ، وهذا الكلام لا يقوله سوى الأميين مؤمنا بأنه إذا كان العدل بخير؛ فالدنيا بخير، وهذا صحيح لكن بعد أن أحسست بأني تجاوزت الطفولة فهمت أنه ليس على طول الخط؛ فإذا لم يكن لك ظهر أي شفاعة أو واسطة؛ فمن أين يأتي العدل، وبخاصة عند غياب الرقابة على الفاسدين.
إنهم سرطان التنمية في البلاد؛ لأنهم يوظفون أسلحتهم القذرة من أجل تجنيد ضعيفي الضمير للترويج لهم ومساندتهم، يستوقفني كلام أجدادي عندما كانوا يقولون: "العدل أساس الحكم والقضاء أساس العدل" فمن أين نبدأ في الكلام عن العدل وعكسه الفساد، ويكمن هنا التساؤل الكبير ... ما هي ملفات الفساد؟ ولمن تفتح وتضبط هذه الملفات؟ وصدق الرسول الكريم:" إن ما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه, وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد". وهل يتراجع إنساننا العربي إن كان في مكان المسؤولية عن قرار صدر بناء على تلفيقات وفبركات، وما أكثرها بين أبناء شعبنا!! خاصة في مؤسساتنا المختلفة والأكاديمية على رأسها، ومن هنا كيف سيفتح ملف الفساد .. لقد أكدت التجارب أن ثوبا فضفاضا من التهم ستلبسه، وبناءً عليه قد يكون الأفضل أن لا تطالب إن لم يكن لك واسطة من العيار الثقيل، وليس لك عائلة كبيرة أن تطالب بتقديم شكوى أو فتح ملف من ملفات الفساد.. والحالة هذه تنطبق على المؤسسات بكل أشكالها، وليس حكرا على المؤسسات السلطوية، فقد تكون في جامعة تتبنى منهج النزاهة، وتتعرض لنفس الأسلوب، فهل هذا يعد ملف فساد؟؟.
وإن طالبت في فتحه اعتماداً على مقولة: إذا كان العدل بخير، فالدنيا بخير.. فهل ستلبس ثوبا من معاني العدل والنزاهة أم لباساً مقولباً من التهم؟ وحينئذ ستندم لمطالبتك بفتح ملف فساد أو شكوى تنقلب عليك، وتثبت بالأدلة من خلال استنجاد شاهد زور مبرمج على شاهد زور، وتلفيقات وأكاذيب، وكأن اللعبة بمجملها هي تغطية على قرار سيتخذ مسبقاً، ومعروف لدى الواسطة العكسية قبل أن يرى النور... وتعاقب الضحيّة؛ وهذا هو التجني بعينه على مبادئ الشفافية والنزاهة... عندئذ تبحث عن الشرفاء، فإن لم تجد؛ فستبحث عن الطريقة التي تنتقم فيها لشرفك المهدور..... ، واستعين بمسرحية ضيعة تشرين لتوضيح ما أقوله عندما كان يخرج حسنى البورزان من علٍ ليلق بياناً هاماً- متقمصا شخصية جديدة لوظيفة مختار جديد مرتدياً طاقية، ثم يرتدي غيرها في البيان الثاني- ويؤكد لأهالي ضيعة حلوم بأنه مختار أبدي، وعندما سألوه قال: "إنه حابكها مزبوط".... والشيء بالشيء يُذكر يحضرني مقال قرأته في دفاتر الأيام للدكتور عادل الأسطة – يروي عن أهمية الواسطة- بعنوان:" رحلة الصيف...آب اللهاب " وهي سفرة من نابلس إلى الأردن وفي الاستراحة يأخذ الرقم 6781، وتساءل: "هل ألجأ إلى الواسطة"، ويتذكر محمود درويش الذي آثر أن يتكلم باسم الضحايا، مشيراً عادل الأسطة إلى أن 300 من المسافرين وجدوا واسطة لهم، ثم تعود ذاكرته إلى العام 1972، فالواسطة والمحسوبية كانت بارزتين.. فمن حقي أن أسأل الدكتور الأسطة هل ثمة اختلاف في العام 1972 عنه في العام 2010؟ تذكرت ما علق في ذهني عندما كنت طفلاً أسمع عن العدل والخير والقوة والسند، وفي ظل هذه الواسطة وآفة الفساد؛ هل سأثور أم سألجأ إلى التقية خشية أن يلبسوني ثوباً كاملاً جاهزاً بشكل يليق بي، كما حصل أول مرة.. ويوقعوني في شرك وفخ الصيادين... ولا أعرف حينها من أين أبدا؟ ولا كيف أبدا؟ ولربما حانت الآن الإشارة إلى أن قطع الأعناق أهون من قطع الأرزاق، فالفجائع باختلاف أشكالها تترك أثرها في النفوس؛ فهذا رسولنا (ص) يحزن على إبنه إبراهيم" إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون". ويخبرنا التاريخ أن الخنساء فجعت في حياتها بموت أخويها معاوية، وصخر، وزوجها، لكنها تعزي نفسها بكثرة الباكين حولها، فتقـول:
ولولا كثرة الباكين حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي
وهكذا تخف فاجعتي عندما أعزي نفسي بكثرة المصابين بالفواجع، وإذا كان المستقبل يُصنع بأيدينا، وأفكارنا، فان السؤال الذى يلح علينا هو: أهذا هو المستقبل الذى نسعى إليه؟
علينا أن نتقِ الله في المؤسسات الخاصة والعامة، لمنع التلاعب بمقدرات الوطن والاستئثار بها لحساب مصالح خاصة، وأن نحارب جميعنا آفة الفساد السلوكي الذي يهدد مؤسسات الوطن.
وبالرغم من كل ذلك، فيبقى أملنا كبير في منح الرئيس الفلسطيني أهمية كبيرة للنزاهة، ومكافحة الفساد، والكسب غير المشروع، ونتمنى أن يكون فاتحة لمجتمع خال من الفساد والمحسوبية، ونرجو من المؤسسات القانونية والوطنية والاجتماعية مثل "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان" أن تهتم بكافة القضايا لمكافحة الفساد، وتعزيز قيم العدالة ومبادئ الشفافية والمساءلة من أجل أوضاع أفضل لبناء مجتمع يتمتع بالنزاهة والشفافية، وسيبقى للموضوع بقيه سنطرحها لاحقا.
ما يجعلني أكتب في هذا الموضوع ليس من أجل الحصول على مكسب من أحد، لكنني أكتب لأنني أحمل هماً، وحزناً لا أقدر عليه؛ ومما علق في ذهني منذ أن كنت طفلاً أسمع لأجدادي:" إذا وقع الجمل تكثر السكاكين"، ولكن الجملة استوقفتني، فكلنا نمثل الجمل؛ فأقول :" إذا أوقعوا الجمل كثرت السكاكين" لكن أي جَمل ذلك الإنسان؟ هل كل الجمال إذا وقعت يحصل لها نفس الشيء؛ فمثلاً لو كان ذلك الإنسان جملاً، وله سند أي واسطة. هل ستكثر السكاكين؟ أم سيحاول الجميع رفعه والتمسح به. ولأنني لم أجد عملاً دفعني إلى كتابة هذا المقال، فمن كنت أحبهم باعونى وجرَّحوني، وهكذا الشاعر خليل حاوي، انتحر أبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982م، إلا أنني أختلف عنه، فلم انتحر بعد؛ ورغم عدم الوضوح في سبب انتحاره، إلا أنه كان يعاني من النفاق، والكذب الذي ساد قسمه في الجامعة، وكذلك القاص المصري محمد رجائي عليش، الذي كتب قبيل انتحاره " عشت هذه السنين الطويلة، وأنا أحلم بالانتقام من أفراد المجتمع الذين أفلحوا في أن يجعلوني أكفر بكل شيء! ستعود بي الذاكرة إلى أيام الدراسة الابتدائية عندما كنت أسمع كلمة فساد، ولا أعرف ما المقصود بها، إلا كما كان متعارف عليه أن الفساد هو الفتنة..... والفتنة أشد من القتل.. وعندما كبرت اتجه نظري إلى مفاهيم أخرى للفساد.....وبدرجات متفاوتة.. ومنها الفساد المالي...وظننت وقتها أن الفساد يعني المالي فقط، إلا أن حقيقة الأمر أن الفساد لا يقصد به المالي؛ فالمعاني عديدة ومختلفة، فغياب العدالة يندرج تحت مفهوم الفساد، فهو ليس مشكلة عابرة، بل هو آفة اجتماعية، ووباء معدي، وليس من باب المبالغة إذا قلت: إن هناك مافيات متخصصة في الفساد؛ فمثلاً ماذا نقول في طالب تخرج منذ خمس سنوات، وهو عاطل عن العمل حتى اللحظة؟ وما قيمة مؤهله العلمي إذا كان هو كذلك، ومن يقوم بتزويره يحصل على أهم الوظائف، وبالتعبير القروي أتساءل: أين المفر، بحق الله أخبروني .. ؟!
فالصورة ليست وردية إذن، وما نشاهده، ونسمع عنه من فتح لملفات فساد في فلسطين، وغيرها من دول العالم هو في الغالب فساداً مالياً.. ولنقل إدارياً أيضاً.. بل ليس الفساد حكرا على المال، والإدارة، فللفساد مسميات أخرى منها الفساد الاجتماعي والسلوكي، وعندما تدخل الواسطة بمعنى أن يكون لك شخص متنفذ؛ فإن ذلك يعد فساداً، وهو بمثابة فيتامين (واو) أصبح ضرورياً في حياتنا، وهناك الكثير من الشواهد الحية، والأمثلة الكثيرة في مجتمعنا لما يعيشه من فساد.... ولسنا بحاجة لنقرأ عن عمليات فساد سواء أصغرت أم كبرت، بل تبين دينارنا من درهمنا، وينسحب في هذا الموضوع من يتهم الناس بدون وجود قرائن وأدلة، وإنما بناءً على تصفية حسابات شخصية، وتهم كيدية......... متناسين حجم الأذى النفسي، الذي يتحمله المتهم طيلة الوقت، ثم يصرح الكبار تصريحات حفظناها عن ظهر قلب إن حملة مكافحة الفساد مستمرة. وعن أي معنى من معاني الفساد يتحدثون؟ وكثيراً ما تقدم قرابين تكون للأسف الحلقات الأضعف في المجتمع. والحالة هذه شبيهة بعملية تقديم القرابين أيام الفراعنة التي كان معظمها من فقراء المصريين!!.
كان عليَّ أن أنتبه لقول والدي – رحمه الله-:" وكـل الناس إلنا في وسعنا، وعند الضيق ما لقينا صحاب"، وكذلك:" وين العدل والإحسان؟" لكنني تخيلت أنني متعلم ووالدي أميّ، وهذا الكلام لا يقوله سوى الأميين مؤمنا بأنه إذا كان العدل بخير؛ فالدنيا بخير، وهذا صحيح لكن بعد أن أحسست بأني تجاوزت الطفولة فهمت أنه ليس على طول الخط؛ فإذا لم يكن لك ظهر أي شفاعة أو واسطة؛ فمن أين يأتي العدل، وبخاصة عند غياب الرقابة على الفاسدين.
إنهم سرطان التنمية في البلاد؛ لأنهم يوظفون أسلحتهم القذرة من أجل تجنيد ضعيفي الضمير للترويج لهم ومساندتهم، يستوقفني كلام أجدادي عندما كانوا يقولون: "العدل أساس الحكم والقضاء أساس العدل" فمن أين نبدأ في الكلام عن العدل وعكسه الفساد، ويكمن هنا التساؤل الكبير ... ما هي ملفات الفساد؟ ولمن تفتح وتضبط هذه الملفات؟ وصدق الرسول الكريم:" إن ما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه, وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد". وهل يتراجع إنساننا العربي إن كان في مكان المسؤولية عن قرار صدر بناء على تلفيقات وفبركات، وما أكثرها بين أبناء شعبنا!! خاصة في مؤسساتنا المختلفة والأكاديمية على رأسها، ومن هنا كيف سيفتح ملف الفساد .. لقد أكدت التجارب أن ثوبا فضفاضا من التهم ستلبسه، وبناءً عليه قد يكون الأفضل أن لا تطالب إن لم يكن لك واسطة من العيار الثقيل، وليس لك عائلة كبيرة أن تطالب بتقديم شكوى أو فتح ملف من ملفات الفساد.. والحالة هذه تنطبق على المؤسسات بكل أشكالها، وليس حكرا على المؤسسات السلطوية، فقد تكون في جامعة تتبنى منهج النزاهة، وتتعرض لنفس الأسلوب، فهل هذا يعد ملف فساد؟؟.
وإن طالبت في فتحه اعتماداً على مقولة: إذا كان العدل بخير، فالدنيا بخير.. فهل ستلبس ثوبا من معاني العدل والنزاهة أم لباساً مقولباً من التهم؟ وحينئذ ستندم لمطالبتك بفتح ملف فساد أو شكوى تنقلب عليك، وتثبت بالأدلة من خلال استنجاد شاهد زور مبرمج على شاهد زور، وتلفيقات وأكاذيب، وكأن اللعبة بمجملها هي تغطية على قرار سيتخذ مسبقاً، ومعروف لدى الواسطة العكسية قبل أن يرى النور... وتعاقب الضحيّة؛ وهذا هو التجني بعينه على مبادئ الشفافية والنزاهة... عندئذ تبحث عن الشرفاء، فإن لم تجد؛ فستبحث عن الطريقة التي تنتقم فيها لشرفك المهدور..... ، واستعين بمسرحية ضيعة تشرين لتوضيح ما أقوله عندما كان يخرج حسنى البورزان من علٍ ليلق بياناً هاماً- متقمصا شخصية جديدة لوظيفة مختار جديد مرتدياً طاقية، ثم يرتدي غيرها في البيان الثاني- ويؤكد لأهالي ضيعة حلوم بأنه مختار أبدي، وعندما سألوه قال: "إنه حابكها مزبوط".... والشيء بالشيء يُذكر يحضرني مقال قرأته في دفاتر الأيام للدكتور عادل الأسطة – يروي عن أهمية الواسطة- بعنوان:" رحلة الصيف...آب اللهاب " وهي سفرة من نابلس إلى الأردن وفي الاستراحة يأخذ الرقم 6781، وتساءل: "هل ألجأ إلى الواسطة"، ويتذكر محمود درويش الذي آثر أن يتكلم باسم الضحايا، مشيراً عادل الأسطة إلى أن 300 من المسافرين وجدوا واسطة لهم، ثم تعود ذاكرته إلى العام 1972، فالواسطة والمحسوبية كانت بارزتين.. فمن حقي أن أسأل الدكتور الأسطة هل ثمة اختلاف في العام 1972 عنه في العام 2010؟ تذكرت ما علق في ذهني عندما كنت طفلاً أسمع عن العدل والخير والقوة والسند، وفي ظل هذه الواسطة وآفة الفساد؛ هل سأثور أم سألجأ إلى التقية خشية أن يلبسوني ثوباً كاملاً جاهزاً بشكل يليق بي، كما حصل أول مرة.. ويوقعوني في شرك وفخ الصيادين... ولا أعرف حينها من أين أبدا؟ ولا كيف أبدا؟ ولربما حانت الآن الإشارة إلى أن قطع الأعناق أهون من قطع الأرزاق، فالفجائع باختلاف أشكالها تترك أثرها في النفوس؛ فهذا رسولنا (ص) يحزن على إبنه إبراهيم" إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون". ويخبرنا التاريخ أن الخنساء فجعت في حياتها بموت أخويها معاوية، وصخر، وزوجها، لكنها تعزي نفسها بكثرة الباكين حولها، فتقـول:
ولولا كثرة الباكين حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي
وهكذا تخف فاجعتي عندما أعزي نفسي بكثرة المصابين بالفواجع، وإذا كان المستقبل يُصنع بأيدينا، وأفكارنا، فان السؤال الذى يلح علينا هو: أهذا هو المستقبل الذى نسعى إليه؟
علينا أن نتقِ الله في المؤسسات الخاصة والعامة، لمنع التلاعب بمقدرات الوطن والاستئثار بها لحساب مصالح خاصة، وأن نحارب جميعنا آفة الفساد السلوكي الذي يهدد مؤسسات الوطن.
وبالرغم من كل ذلك، فيبقى أملنا كبير في منح الرئيس الفلسطيني أهمية كبيرة للنزاهة، ومكافحة الفساد، والكسب غير المشروع، ونتمنى أن يكون فاتحة لمجتمع خال من الفساد والمحسوبية، ونرجو من المؤسسات القانونية والوطنية والاجتماعية مثل "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان" أن تهتم بكافة القضايا لمكافحة الفساد، وتعزيز قيم العدالة ومبادئ الشفافية والمساءلة من أجل أوضاع أفضل لبناء مجتمع يتمتع بالنزاهة والشفافية، وسيبقى للموضوع بقيه سنطرحها لاحقا.
http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=310723
على موقع دنيا الوطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق