ما يذكرني أن هناك أناساً يجمعنا بهم القدر؛ فترتسم على وجوهنا البسمة، ونضعهم في قائمة الأصدقاء الأوفياء، ولكن، المفاجأة الكبرى عندما تجد أن هؤلاء الذين وضعتهم في قائمة الأوفياء هم أول من يغدرون بك... كنت أتمنى لو أنني مخطئا حتى أجد لنفسي مسوغاً، فصورتهم كامنة في ذاكرتي لا تغادر وحتى اللحظة رغم كل الأسى؛ فهم باقون مع نبضات القلب............ أشعر بالأسى والحزن أكثر فأكثر، ترهلت نفسيتي بعد أن كانت مشدودة بالأمل.
لا أعرف لماذا أرهق نفسي وأقلقها لسبب تافه جدا، فأسباب هذا القلق لا يستحق التفكير به. كم أنا غبي .. لأنني كنت على تفكير خاطىء، فاختلاف المصالح تجعلنا مجانين لدينا مراتب ودرجات... يعلم الله كم أشعر بالأسف لهذا الخطأ. لكن لم أنتبه لغبائي إلا بعد مرور الأيام؛ عندما استرجعت شريط الذكريات. ولما كنت عاجزاً عن إخفاء تعلقي بهم، التقطت ورقة وقلما من جارور المكتب وكتبت اسم أحدهم عليها.. وحرقت جزءاً من الورقة الذي دوَّنت اسمه ليخرج من قلبي إلى غير رجعة...
تسألني لماذا لا تبتسم؟ وما الذي يدعوك للعزلة، وجلد النفس؟ ألا تعلم أن الناس يولدون.. ويؤلم بعضهم بعضاً.. ثم يموتون!
لقد وجدت في عزلتي ملاذى؛ فبيتي سيكون فضاءً يتسع لعينيي، ولن يظلمني فيه أحد، وحدها الكتابة يمكن أن تخفِّف من ألمي.. وحدها تحتمل حقيقة قولي.. وحدها من يساعدني على رفض الظلم ورفعه في هذه الحياة؛ فالكتابة أصبحت ديدنين، فالروح حينما تقلق تتعلق بالكتابة.
تحدثت مرة في مقالة عن الواسطة فيتامين واو، ومسح الجوخ، فيبدو أن الواسطة أصيلة راسخة في حياتنا استمرت عبر الزمن حتى وصلت إلينا؛ وفي هذا الصدد تذكرت وأنا أقرأ "رسالة الغفران" للمعري؛ قول أوس بن حجر لابن القارح: " ولقد دخل الجنة من هو شرُّ مني، ولكن المغفرة أرزاق".
فهل تنطبق الواسطة على حالتنا بعد مئات السنين، ومسح الجوخ أيضاً، ففي مزرعة ما نجد من يمسح الجوخ لصاحبها، وما أكثر هذا الصنف!؛ ويسوغون ما يقوم به؛ للوصول إلى أهدافهم، والبقاء في مناصبهم هؤلاء تميزوا في الظلم، والجبروت، وقطع الأرزاق.
فذات صباح جاءني هؤلاء قائلين:
- عليك أن تأخذ نفساً عميقاً.
- شو مناسبة هذه الرياضة؟
- نحن نحقق معك... ابدأ: شهيق زفير...... خذ نفس عميق... مرة أخرى: شهيق زفير....
- احكوا غير هذا الكلام!
وبعد لحظات وصلني القرار الآتي:
قررت الهيئة المشرفة على المزرعة ما يلي:
أولاً: ليست مهنتك الزراعة
ثانياً: إنك استلمت مهنتك باتفاق بين طرفين..لا يجوز الإخلال به، وأنت أخليت بالاتفاق.
ثالثاً: ارتكبت مخالفات بهدف التمليك....
رابعاً: إنك لا تطبل ولا تزمر ولا تهتف
وبناءً على ما سبق وحسب المادة رقم 144 من القانون الداخلي للمزرعة صدر قرار بطردك منها.
استذكرت حقوق الإنسان فقلت، سينتقل المزراعون ليبيعوا البسكويت والكعك والعلكة عند إشارات المرور. كان علي أن أشفر ما أكتبه، وأترك الباقي لذكاء القاريء. وفي اليوم التالي لم أستطع الرد على أسئلة تلاميذي......تذكرت سقراط عندما ردَّ على تلاميذه الذين كانوا يشاهدون إعدامه، بقولهم له: من المؤسف أيها المعلم أن تموت دون ذنب ارتكبته؛ فأجابهم: وهل تظنون أن الموت كان يمكن أن يكون أسهل لو كنت مذنباً؟
وأعدت قراءة "رسالة الغفران" وكأني بخلائق صاحبها يحمل هماً كبيراً لأنه يخاف على كرامته أن ينال منها أحد، أو تمسها إحدى الدسائس، أشاهد أمي منذ فترة قصيرة ترفع يديها للسماء:" ياربي يا قادر عليك بولاد الحرام"... "الله ينتقم منهم بحق لا اله إلا الله محمد رسول الله" وترد عليها أختي في الشتات - تعاني من مرض خبيث- رافعة يديها وعينيها نحو السمـاء تقول: "يا رب ييسرلك ياخوي ويرزقك... يا رب يا قوي تمحيه من كل ظالم أنت قادرعلى كل شيء"..
يذكرني هذا بأيام زمان أيام طفولتي ما كان يردده الناس من ابتهالات وأدعية – ومازالوا- بأن يزيل الله كيان إسرائيل ليس لأنهم يهود، لكن لأنهم سلبوا أرضنا في وضح النهار، وبقينا نحترق شوقاً إليها، لكن الله لم يسمع منا دعاء، ويذكرنى أيضا بحكاية جميلة كانت عالقة في مخيلتي؛ حكاية البعير الذي راح يهدد البغل بالدعاء عليه، فيرد عليه البغل:"...فإن الوحوش الراتعة تبتهل على سيد الغابة منذ كانت الخليقة، وما لقي من دعائها إلا خيراً".
لا أعرف لماذا أرهق نفسي وأقلقها لسبب تافه جدا، فأسباب هذا القلق لا يستحق التفكير به. كم أنا غبي .. لأنني كنت على تفكير خاطىء، فاختلاف المصالح تجعلنا مجانين لدينا مراتب ودرجات... يعلم الله كم أشعر بالأسف لهذا الخطأ. لكن لم أنتبه لغبائي إلا بعد مرور الأيام؛ عندما استرجعت شريط الذكريات. ولما كنت عاجزاً عن إخفاء تعلقي بهم، التقطت ورقة وقلما من جارور المكتب وكتبت اسم أحدهم عليها.. وحرقت جزءاً من الورقة الذي دوَّنت اسمه ليخرج من قلبي إلى غير رجعة...
تسألني لماذا لا تبتسم؟ وما الذي يدعوك للعزلة، وجلد النفس؟ ألا تعلم أن الناس يولدون.. ويؤلم بعضهم بعضاً.. ثم يموتون!
لقد وجدت في عزلتي ملاذى؛ فبيتي سيكون فضاءً يتسع لعينيي، ولن يظلمني فيه أحد، وحدها الكتابة يمكن أن تخفِّف من ألمي.. وحدها تحتمل حقيقة قولي.. وحدها من يساعدني على رفض الظلم ورفعه في هذه الحياة؛ فالكتابة أصبحت ديدنين، فالروح حينما تقلق تتعلق بالكتابة.
تحدثت مرة في مقالة عن الواسطة فيتامين واو، ومسح الجوخ، فيبدو أن الواسطة أصيلة راسخة في حياتنا استمرت عبر الزمن حتى وصلت إلينا؛ وفي هذا الصدد تذكرت وأنا أقرأ "رسالة الغفران" للمعري؛ قول أوس بن حجر لابن القارح: " ولقد دخل الجنة من هو شرُّ مني، ولكن المغفرة أرزاق".
فهل تنطبق الواسطة على حالتنا بعد مئات السنين، ومسح الجوخ أيضاً، ففي مزرعة ما نجد من يمسح الجوخ لصاحبها، وما أكثر هذا الصنف!؛ ويسوغون ما يقوم به؛ للوصول إلى أهدافهم، والبقاء في مناصبهم هؤلاء تميزوا في الظلم، والجبروت، وقطع الأرزاق.
فذات صباح جاءني هؤلاء قائلين:
- عليك أن تأخذ نفساً عميقاً.
- شو مناسبة هذه الرياضة؟
- نحن نحقق معك... ابدأ: شهيق زفير...... خذ نفس عميق... مرة أخرى: شهيق زفير....
- احكوا غير هذا الكلام!
وبعد لحظات وصلني القرار الآتي:
قررت الهيئة المشرفة على المزرعة ما يلي:
أولاً: ليست مهنتك الزراعة
ثانياً: إنك استلمت مهنتك باتفاق بين طرفين..لا يجوز الإخلال به، وأنت أخليت بالاتفاق.
ثالثاً: ارتكبت مخالفات بهدف التمليك....
رابعاً: إنك لا تطبل ولا تزمر ولا تهتف
وبناءً على ما سبق وحسب المادة رقم 144 من القانون الداخلي للمزرعة صدر قرار بطردك منها.
استذكرت حقوق الإنسان فقلت، سينتقل المزراعون ليبيعوا البسكويت والكعك والعلكة عند إشارات المرور. كان علي أن أشفر ما أكتبه، وأترك الباقي لذكاء القاريء. وفي اليوم التالي لم أستطع الرد على أسئلة تلاميذي......تذكرت سقراط عندما ردَّ على تلاميذه الذين كانوا يشاهدون إعدامه، بقولهم له: من المؤسف أيها المعلم أن تموت دون ذنب ارتكبته؛ فأجابهم: وهل تظنون أن الموت كان يمكن أن يكون أسهل لو كنت مذنباً؟
وأعدت قراءة "رسالة الغفران" وكأني بخلائق صاحبها يحمل هماً كبيراً لأنه يخاف على كرامته أن ينال منها أحد، أو تمسها إحدى الدسائس، أشاهد أمي منذ فترة قصيرة ترفع يديها للسماء:" ياربي يا قادر عليك بولاد الحرام"... "الله ينتقم منهم بحق لا اله إلا الله محمد رسول الله" وترد عليها أختي في الشتات - تعاني من مرض خبيث- رافعة يديها وعينيها نحو السمـاء تقول: "يا رب ييسرلك ياخوي ويرزقك... يا رب يا قوي تمحيه من كل ظالم أنت قادرعلى كل شيء"..
يذكرني هذا بأيام زمان أيام طفولتي ما كان يردده الناس من ابتهالات وأدعية – ومازالوا- بأن يزيل الله كيان إسرائيل ليس لأنهم يهود، لكن لأنهم سلبوا أرضنا في وضح النهار، وبقينا نحترق شوقاً إليها، لكن الله لم يسمع منا دعاء، ويذكرنى أيضا بحكاية جميلة كانت عالقة في مخيلتي؛ حكاية البعير الذي راح يهدد البغل بالدعاء عليه، فيرد عليه البغل:"...فإن الوحوش الراتعة تبتهل على سيد الغابة منذ كانت الخليقة، وما لقي من دعائها إلا خيراً".
مقالتك دكتور حسن تنم عن قلب ينبض بالمحبة وفي الاتجاه الآخر بالظلم .. ما أقساه .. إنك بالفعل إنسان رائع
ردحذف